فيروس القيل والقال
ليس هناك اسوأ من ظاهرة القيل والقال أو ما سوف نسميه بفيروس القيل والقال، فكما قال جبران خليل جبران "القيل والقال، مُستنقع فوضوي مجرد الخروج منه مكسب لا يُقدر بثمن"، فهو منتشر بين كل الطبقات وفي كل الاماكن.
والمشكلة الأكبر أننا نعيش في مجتمع يحب الاستماع الى الاخبار المتعلقة بالآخرين سواء كانت صحيحة أو خاطئة، والاسوأ من ذلك هو نقلها بشكل مغلوط حتى تكون أكبر وتشجع على نقلها
فالغريب أن قلة قليلة من الأشخاص هم من يحاولون وقف هذا النوع من التدخل في حياة الآخرين أو هذا الأذى الذي يتسبب للأخرين، والأغرب من ذلك إنه عند معاتبة هذا الشخص على افعاله يذهب لشخص آخر يحب سماعه.
فلماذا نحن لا ندرك أن القيل والقال فيروس مدمر قام بتدمير مجتمعات وفك روابط أسرية وقضى على عائلات ولن نبالغ إن قلنا إنه تسبب احيانا في خسارة أرواح.
فأنا أعتقد أن هؤلاء الذين يمضون حياتهم في القيل والقال بتتبع حياة الآخرين نجاحها وخرابها، مصائبها وافراحها ما هم إلا أعداء لأنفسهم قبل أن يكونوا أعداء للأخرين فلا يجيدون الا نشر السوء اينما ذهبوا.
فلم يعد القيل والقال يقتصر على النساء فحسب بل أصبح الرجال أيضا مشاركون في نقل الشائعات والاخبار بل انهم تفوقوا في ذلك على النساء.
فالسؤال هنا لماذا الناس في مجتمعنا تتحمس لانتهاك حياة الآخرين بهذه الدرجة العالية؟
فالقيل والقال هو مرض أو فيروس ينتشر بين كثير من الناس في وقت قليل جدا والسبب في هذا الانتشار هو ما يعرف بالثالوث المظلم (الشخص النرجسي، العدواني ، الاناني) أولئك الأشخاص الذين يسعون وراء أهدافهم دون اهتمام بالطريقة التي يصلون بها ولديهم درجة عالية بعدم الاهتمام بمن حولهم من الآخرين أو بما يشعرون به فهو يفعل ما يريد.
ومن أهم أسباب القيل والقال وانتشار هذا الفيروس هو الفضول، اهتمام الأشخاص بما ينقل لهم أو ما سوف يعرفونه عن حياة الآخرين وفضولهم لمعرفة الكثير عن حياة الآخرين يجذبهم لما قيل وما يقال دون جدوى بصحة أو كذب هذه المعلومات.
كثير من طرق التربية أو طرق التعامل مع الاطفال تكون عامل كبير ومهم في خلق هذا الفيروس وانتشاره فالتربية حسب العادات والتقاليد التي يطالب الصغار فيها بأشياء مثل لا تجادل، لا تتحدث كثيرا، قل حاضر ونعم. هذا يجعل الطفل ذو وجهين، وجه يحافظ على ما نشأ عليه والوجه الآخر هو الحديث الخفي الذي يعبر فيه عن رأيه والتعبير عن رأيه الحقيقي وهذا ما يقود الشخصية للتعود على القيل والقال.
الفراغ من أهم أسباب القيل والقال حيث أن كثير منا لا يهتم بتعلم مهارات جديدة أو استغلال اوقات الفراغ فيما يفيد وينفع خصوصاً الفتيات حيث يتم الاهتمام بتعليمهن ما يخص البيت والتدابير ولم يهتم الكثير بتعلم مهارات حياتية خصوصا مهارات التعبير المباشر والصريح عن آرائهن أو تطبيق النميمة أو القيل والقال أمامهم في الواقع هذا ما يجعلهم يعيدون تطبيقه مرة أخرى وهم لا يشعرون.
فكما نهتم بالتعافي من الأمراض والفيروسات الأخرى حاولوا الاهتمام بالشفاء من هذا الفيروس وسيطروا على انتشاره فكما أن من ينشر القيل والقال آفة فمن يجلس ليستمع إليه هو نواة تلك الآفة.
فإذا أردت أن تكون إلى حد ما مرتاح البال لا تتوقف عند كلمة تسمعها من أحد، ولا تغرق في التفاصيل، لا تحقق في أحوال من حولك.
الكاتب / طارق محمود نواب
اعلامي بشبكة نادي الصحافة
كاتب بصحيفة غرب الالكترونية
عضو جمعية اعلاميون
عضو هيئة الصحفيين السعوديين