تصدير السخافة
الكاتب / ابراهيم احمد آل الفقهاء
إن تسخير برامج التواصل الاجتماعي لا سيما التفاعلية منها في عمل بوربوغندا مفتعلة لشهرة المغمور، هي سياسة ممنهجة تسعى لتغريب المجتمع وجعله في سباق لاهث وراء شهرة جوفاء تقتات على السخافة وتصدر السفاهة في سوق البلاهة ليتعاطى معها الحمقى.
فأصبح الكل في حالة عصف ذهني لاختراع فكرة أو حركة سخيفة أو لفظة نابية تمكنه من الإمساك بزمام السبق في عالم الشهرة المزعومة. ولا يتطلب الأمر عناء تحليل أو نقد تلك الترهات لكي تصل إلى قناعة بخواء المحتوى لعدم وجود أي محتوى أصلاً.
وتتملك الدهشة لب كل من يحاول سبر أغوار التكوين الفكري لهذا الأراجوز هل هو نتاج طبيعي لنوعية تربية خاطئة أم هو دور محكم الحبكة لأهداف أبعد من إدراك هذا المتقمص المخدوع. ولعل بإعمال قليل من العقل تدرك كنه الحقيقة فلم يستثنِ أي فئة عمرية من ذلك العبث.
فما بين طفل اغتيلت براءة طفولته بما يسمى تعلم المراجل وهو لا يزال غض العود، يتمتع بمزية رفع القلم عنه شرعاً. ولكن يبدو أن حب الشهرة غلب أو نسخ الأمر الشرعي وسبق العمر التكليفي، غير آبهين بأثار تلك النتائج السلبية لا سيما في مرحلة المراهقة والذي قد تكون بمثابة عقاب عاجل يقض مضجع من صادر طفولته بدعوى المرجلة المزيفة.
وهناك جرح غائر في ضمير الأمة من جنوح التي خلع عليها لقب ملكة فتنازلت عن عرش كرامتها بنزع حجابها في وقاحة تبرجها وعرضت شرفها سلعة رخيصة مقابل إعجاب سقط المتاع من أولئك الرعاع مرتادي حانات العهر والخسة، وعندما تأكدت هذه المضحوك عليها أن لحمها أصبح مشاعا في سوق نخاسة الأخلاق ذرفت دموعها حرى تتوسل من تجول بكل حرية في مملكة احتشامها أن يستر عليها لاعتبارات إنسانية. عزيزتي المغدور بك فكريا كيف تطلبين من أضاع إنسانيته أن يتذكر إنسانية ضمير ميت. أحسن الله عزاءك في كل شرف اقتات عليه كلاب تتبع الفضائح، فكيف بمن يهديهم تلك الأسرار المصانة افتراضا ولكن من كان يملك زمام المحافظة فرط به.
وتلك صورة يندى لها الجبين وأنت ترى ذلك الشيخ وقد ابيضت لحيته وشمله الكرم الإلهي بأنه ممن يستحي منهم الله. ولكنه رمى بكل وقاره في نفايات سخفه المشين لكي يضحك هو أولاً من سخف تفاهته ثم يستجدي ضحك الآخرين عليه وهو بكل ضحكة ينزل إلى مدارك أرذل العمر.
وترى في طريق الضياع مرورا من الطفولة المصادرة إلى تلك العفة الملقاة في نفايات الفكر العفن وانتهاء بتلك الكهولة المهترئة تصادف فئة الرشد التي أرشدها رشدها إلى ضحكات أولئك الساخرون من رشدهم فتجلت لهم الصورة وانكشف الغطاء عن غفلات الوهم وعبودية الأهواء.
ولكن هل الوعي يعي ما وراء تلك الإشارات التي لا تنير دربا ولا تهدي للحق سبلاً؟
لعل وعسى.