لمحات من المجد وصناعة التاريخ
(الملك عبد العزيز أنموذجاً)
الكاتبة/ أ. مصباح علي عزيبي
بدأت سلسلة الملك عبد العزيز بالتعريف بنشأته وبدايات حياته في كنف والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل آل سعود،الذي أولاه عناية فائقة،وأحاطه برعاية خاصة، ودرَّبه تدريبًا مكثفًا على فنون الحكم وإدارة شؤون الدولة.
تشبَّع عبد العزيز من والده بالخبرة السياسية، وتربَّى منذ صغره على الفروسية والبطولة، وتشرَّب العادات والتقاليد الأصيلة التي ورثها عن أجداده،فحمل إرثهم المجيد، وحكمتهم الراسخة،وتتابعت سلسلة مقالات صقر الجزيرة لتسرد بأسلوب شائق تفاصيل رحلته المظفرة في استرداد الرياض،تلك الملحمة التي رواها الملك عبد العزيز بنفسه.
فقد وثَّقت الكتب،والدواوين كلماته وهو يصف رحلته الشاقة المحفوفة بالمخاطر،والتي توجت بالنصر المبين، ولك – أيها القارئ الكريم – أن تعود إلى مقال فجر تأسيس المملكة تأملات ودروس لتستلهم عبر هذه المسيرة الخالدة، ستجد فيه إجابةً على تساؤلاتك .
في ساحة البطولة والفداء
لننتقل إلى مسرح الأحداث، ولك أيها القارئ - إن تتخيل مسرح الأحداث، والبطولة وتفوح رائحة الفخر، والعزة،وتسطر ملاحم التضحية والفداء بالنفس.
وهناك تتجلى صور البطولة والإقدام الفروسية،ويبرز فارس نبيل حمل روحه على كفه،مجاهدًا في سبيل إعلاء كلمة الحق : (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
تحت راية التوحيد الخفاقة .
لقد حمل هذا الفارس أمل الأمة على عاتقه،واضعًا النصر أوالشهادة غايته،حتى يظهره الله على أعدائه،
وبهذا اليقين الراسخ واثقا بنصر الله، استمد قوته وعزيمته، مصداقًا لقوله تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ}.
القائد في ساحة المعركة وها نحن في أرض المعركة، ساحة البطولة ، حيث نترككم مع صلابه هذا الأسد الجسور، والقائد الحكيم، يقود زمام المعركة بنفسه على رأس جيشه المخلص،يسبقهم الى ساحة المعارك ، غير عابئ بما قد يصيبه من إصابات وغير مكترث بما يلقاه من أهوال الحرب .
لقد حدد فارس العرب هدفه المتمثل فى قهر الأعداء،وترويضهم بسيفه البتار، ولقد سطر القائد المغوار أساطير عن بأسه، وقوته، وقدم مثالا يحتذى به على إقدام القائد الشجاع الذى لا يخشى الردى.
قد تسلح وتترس بالإيمان، وكانت قضيته التي لا هوادة فيها هي وحدة هذه الأمة التي مزقتها الفرقة، وشتتت شمل وحدتها ، وقد فطن الملك عبد العزيز بحدس الحكيم المخاطر التى تحدق على أمتنا فكان مدافعا عن وحدة هذه الأمة وعن حقها فى الوجود.
مصداقا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} .
دوي الانتصار ات،ووحدة الصف
بهذا العزم والهمة العالية،
خرج لهم صقر الجزيرة،فسطر بطولات نادرة لم يسمع لها مثيل،
و دوت انتصاراته أرض الجزيرة العربية،وتوالت الانتصارات بعدما أثخن فيهم.
فانقادت له البلاد، والعباد طائعة مختارة، و سلمت له المناطق تباعًا بالنصر والولاء.
وهكذا تداعت القبائل من كل أرجاء الجزيرة لتعلن الدخول في الطاعة والولاء، فتحقق للملك عبدالعزيز ما أراد من جمع أو لم الشمل ورتق الصدع ووحدة الصف،وهكذا خشيت القبائل من صولاته وجولاته عليهم ، فكانت تتقي بطولاته، وشدة بأسه،وتخشى من أن يثخن فيهم،
فآثرت السلامة فلم يكن لديها سوى طريق السلام بعدما خبرت من بأسه، وقوته مالم يترك لها خيار آخر سوى التسليم والإذعان لإرادته.
فكانت مجنة في المعارك وبين السيف، والرمح تحقق له بها الردع والزجر ،وسكنت المهابة في نفوس خصومه.
خاتمة المسيرة : إعلان المملكة
ومازالت تتوالى أخبار انتصارات هذا القائد المظفر بالنصر، وتسمع بها القبائل، وعم صداها في كل أنحاء الجزيرة.
يتردد دويها في أرجاء المعمورة
فأثرت بعض القبائل خيار السلام والاستسلام و السلم على مقارعته، والدخول في طاعته طوعًا دون قتال بعد أن رأت شدته في ميادين المعارك،وانضم كثيرون إلى جيشه ليكونوا عونا له،وشد لعضده لمواجهة الخارجين على حكمه والمناهضين لوحدته، وهكذا تم كسر نفوذهم وشوكتهم ، ودحرهم وتقهقرهم إلى الوراء، وتأديبهم،فولوا الأدبار منهزمين غير مأسوف عليهم.
التف،واجتمعت كلمة الناس من شتى بقاع الجزيرة تحت راية التوحيد التي رفعها الملك عبدالعزيز، فانضمت المناطق الواحدة تلو الأخرى.
بعد رحلة طويلة، و شاقة من الجهد، والإخلاص، استمرت اثنتين و ثلاثين عاما، كان الملك عبدالعزيز القائد العام للجيوش،وقائد مسيرة التوحيد ، استقرت أوضاع البلاد واكتمل عقد وحدتها تحت رايته.
وعندما استتب الأمن ورسخت الدولة أصدر الملك عبدالعزيز مرسومًا ملكيًا تاريخيًا في عام 1351 هـ .(1932م) بأن اطلق على الوطن اسم المملكة العربية السعودية،ومنذ ذلك، الحين يحتفل في الثالث والعشرين من سبتمبر
من كل عام باليوم الوطني المجيد، تخليدًا لذكرى تأسيس هذه الدولة العظيمة، والتى ستبقى على الدرب تسير، وعلى خطاه تهتدي فكما ولدت عظيمة ستبقى بملوكها وأولياء عهدها محافظة على العهد راعية حقوق مواطنيها، و محافظة على وحدة أمتنا العربية، وراعية وقبلة الإسلام وللمسلمين فى شتى بقاع المعمورة.
فلها منا كأبناء هذا الوطن تحية اعتزازٍ وافتخار.