التكنولوجيا بين الارتقاء والانحدار: مرآة وعي المجتمع
✍️ بقلم الإعلامي خضران الزهراني
"ليست التكنولوجيا هي من يقود الإنسان، بل وعيه هو الذي يحدد الطريق؛ إما نحو النهضة أو نحو الانحدار."
في زمن التطور المتسارع والتكنولوجيا المتغلغلة في تفاصيل حياتنا اليومية، يطرح المجتمع تساؤلات جوهرية حول طبيعة هذا التحول: هل ما نشهده اليوم هو انفتاح حضاري أم انحطاط قيمي؟ هل هو شغف بالتجديد أم انجراف وراء الشهوات والرغبات؟
الحقيقة أن المشهد معقد، فالتكنولوجيا لم تأتِ بحد ذاتها لتكون شرًّا أو خيرًا، وإنما هي أداة محايدة؛ يحدد أثرها طريقة تعامل الإنسان معها. فحين تُستثمر لتيسير العلم وتطوير المعرفة وتعزيز الوعي، تصبح رافعة للتقدم وصناعة الحضارة. أما حين تُستغل للانغماس في التفاهة والسعي وراء الشهرة السريعة، فإنها تتحول إلى أداة انحدار وفقدان للهوية.
إن "الفهم غير الإرادي من المجتمع" تجاه هذا التطور يعكس حالة من التشتت: بين من يراه فرصة ذهبية للابتكار، وبين من ينظر إليه كتهديد للأخلاق والقيم، وبين من ينساق بلا وعي خلف أمواج التقليعات الرقمية. وهنا يظهر التحدي الحقيقي: كيف نوازن بين الاستفادة من معطيات العصر، والحفاظ على أصالتنا وثوابتنا؟
ختامًا، يمكن القول إن التكنولوجيا ليست هي الانحطاط ولا الشهوة ولا غيرها، بل هي مرآة لوعينا الجمعي؛ فإن ارتقينا بفكرنا وقيمنا ارتقت معنا، وإن تخلينا عن مسؤوليتنا الإنسانية تحولت إلى وسيلة تقودنا إلى الانحدار.